تحدث حسين دورماز، رئيس وفد تركيا في أسطول "صمود" العالمي، لصحيفة ديلي صباح يوم الخميس عن مصير النشطاء الأتراك المحتجزين والتطورات المنتظرة بعد انقطاع الاتصال بهم. وأكد دورماز أن الأسطول شكّل انعكاساً لرغبة إنسانية ممتدة في مقاومة ما يجري في غزة، قائلاً إن فكرة "صمود" ولدت كاستراتيجية واعية لإحداث أثر، وهو ما ضمن لها الدعم الشعبي الواسع.
أوضحت ديلي صباح أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعترضت فجر الخميس كل سفن الأسطول المتجه إلى غزة وصادرت السفن واعتقلت النشطاء، فيما فجّر انقطاع الاتصال موجة احتجاجات في أنحاء تركيا ودعوات إلى محاسبة إسرائيل وتحرك دولي أوسع. شدد دورماز على أن المبادرة كسرت الحواجز النفسية وأثبتت أن الإرادة المدنية قادرة على تحدي قوة الدولة والعسكر، معلناً أن "اليوم سيدخل التاريخ" وأن المرحلة المقبلة ستشهد أساطيل أكبر ومشاريع جديدة، إضافة إلى مظاهرات ضخمة في دول أوروبية بدءاً من إيطاليا.
توقع دورماز أن تنقل إسرائيل النشطاء إلى ميناء أسدود حيث تسعى الفرق القانونية للتواصل معهم، مشيراً إلى أن سفينة "ميكينو" وصلت إلى المياه الإقليمية لغزة قبل أن يعترضها الاحتلال. وصف ذلك بالاختراق النفسي والجغرافي للحصار الذي ظن كثيرون أنه غير قابل للكسر. وأكد أن الضغوط العالمية قد تجبر إسرائيل سريعاً على إعادة النشطاء إلى بلدانهم.
امتدت التظاهرات إلى مدن تركية عدة. ففي إسطنبول، تجمع مئات أمام القنصلية الإسرائيلية ثم الأمريكية، مرددين هتافات تندد بجرائم إسرائيل في غزة، بينما انطلقت مسيرات في ديار بكر وإيلازيغ وماردين رفعت الأعلام الفلسطينية ونددت بالانتهاكات.
من "مافي مرمرة" إلى "صمود"
اعتداء إسرائيل على "صمود" يواصل سلسلة هجمات بحرية ضد قوافل حاولت كسر الحصار غير القانوني على غزة منذ 2009. في ذلك العام اعترضت البحرية الإسرائيلية سفينة "روح الإنسانية" التي كانت تحمل مساعدات طبية وإنسانية وعلى متنها 21 راكباً، وأجبرت السفينة على الرسو في أسدود بعد تهديدها بإطلاق النار.
في مايو 2010، نفذت إسرائيل هجوماً دامياً على السفينة التركية "مافي مرمرة" في المياه الدولية، وقتلت عشرة نشطاء وأصابت أكثر من خمسين، بينما كانت السفينة ضمن قافلة مؤلفة من ثماني سفن تقل 750 متضامناً و10 آلاف طن من المساعدات. تسبب الهجوم في أزمة دبلوماسية حادة مع أنقرة التي طالبت باعتذار رسمي وتعويضات ورفع الحصار.
في نوفمبر 2011، اعترضت البحرية الإسرائيلية سفينتي "تحرير" الكندية و"MV ساويرس" الأيرلندية في المياه الدولية واحتجزت ركابهما قبل ترحيلهم. وفي 2015، أوقفت إسرائيل السفينة السويدية "ماريان" وعلى متنها 48 ناشطاً وصحفياً كانوا ضمن "أسطول الحرية 3". أودع معظم المشاركين في سجن جيفون قبل الإفراج عنهم، بينما أُعيدت بقية السفن.
تكرر السيناريو في صيف 2018 حين اعترضت إسرائيل سفينتي "العودة" و"الحرية" في المياه الدولية واعتدت على ركابها. وفي مايو 2025، قصفت طائرات مسيرة إسرائيلية سفينة "الضمير" في المياه الدولية قرب مالطا، بينما كانت في طريقها إلى غزة. وفي يونيو 2025، أوقفت إسرائيل سفينة "مادلين" وعلى متنها 12 ناشطاً وصحفياً، كانوا يحملون مواد غذائية وطبية أساسية. وفي يوليو الماضي، اعترضت إسرائيل سفينة "هندالة" واحتجزت 21 ناشطاً.
مخالفة صريحة للقانون الدولي
أكد أستاذ القانون الدولي في جامعة أوتريخت بهولندا، سيرغي فاسيليف، أن اعتراض إسرائيل لأسطول "صمود" في المياه الدولية أو داخل المياه الفلسطينية انتهاك صريح للقانون الدولي. أوضح أن الحصار البحري المفروض على غزة غير قانوني لأنه يستهدف تجويع السكان وحرمانهم من مستلزمات البقاء، مخالفاً للمادة 54 من البروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف.
شدد فاسيليف على أن "صمود" مثل أسلافه لا يشكل أي تهديد لإسرائيل، بل هو مبادرة مدنية خالصة تهدف إلى توصيل المساعدات الإنسانية، مؤكداً أن القانون الدولي لا يسمح بمنع وصول الإغاثة. واعتبر أن اعتراض السفن الأجنبية واحتجاز ركابها يمثل تدخلاً غير مشروع في سيادة الدول التي ترفع هذه السفن أعلامها، بل يصل إلى حد استخدام القوة بشكل غير قانوني ضدها، ما يتيح لهذه الدول حق مقاضاة إسرائيل دولياً.
https://www.dailysabah.com/politics/sumud-made-history-paves-the-way-for-more-action-activist/news